ما انتهى إليه اجتماع الفصائل الفلسطينية يومي الخميس والجمعة 23 و24 أكتوبر، مؤشر مهم على الوعي بأهمية المرحلة المقبلة، وضرورة الحفاظ على الوحدة الفلسطينية، من أجل مستقبل واعد.
ومن أهم مخرجات ما انتهت إليه مناقشات القوى الفلسطينية في بيانها الختامي، باجتماعاتها بالقاهرة، أهمية التمسك بالوحدة الوطنية كخيار استراتيجي لمواجهة المخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية، ومواصلة جميع الفصائل الفلسطينية على مواصلة العمل المشترك لتوحيد الرؤى والمواقف لمجابهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
والأهم الاتفاق على عقد اجتماع عاجل لكافة القوى والفصائل الفلسطينية للاتفاق على استراتيجية وطنية وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وحسناً فعلت مصر في تجميع مختلف الفصائل، لحوار وطني فلسطيني فلسطيني، لفض مختلف الخلافات، وتقريب وجهات النظر على مكونات المرحلة الجديدة، استمراراً للموقف المصري الذي لم يتغير من أول يوم للعدوان الصهيوني، وحتى اللحظة، وطيلة أيام حرب الإبادة الجماعية، وامتد مع الجهود المختلفة لوقفها.
وما انتهت إليه اجتماعات الفصائل الفلسطينية، وبرعاية مصرية، يؤكد على الدور المصري الفاعل من أجل حماية الشعب الفلسطيني، ووحدة موقفه في طريق طويل لإقامة دولته المستقلة، والكل يقر بالجهود التي قامت بها مصر وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل وقف العدوان على غزة، فلم تترك مصر باباً إلا وطرقته على كل المستويات الدولية والإقليمية والعربية، وبمواجهة شجاعة مع الكيان المحتل.
لم تراهن مصر طيلة شهور الحرب وفي مراحل التفاوض إلا على مصالح الشعب الفلسطيني، ولم "تمسك العصا من المنتصف"، مثل أخرين، بل كان انحيازها واضحا جدا، من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني التاريخي، أو بعبارة أدق قامت بـ"دور الوسيط النزيه المنحاز للحق الفلسطيني في أرضه ووطنه".
من هذا المنطلق جاءت رعاية مصر لاجتماعات الفصائل الفلسطينية، استكمالاً للدور الإنساني والاجتماعي، من أجل حماية الفلسطينيين بكل الوسائل وتوفير مختلف سبل المعيشة، وكل متطلبات الأمن من خلال تدريب قوات أمن تتولي أعمال الأمن الداخلي في مرحلة ما بعد وقف الحرب كلياَ، والمرحلة الانتقالية.
ويقع عبء كبير على مختلف الفصائل الفلسطينية في المرحلة المقبلة، والتقاط الكرة بحرفية عالية، وتوظيف النتائج على الأرض، واتخاذ الخطوات المناسبة، والبناء على ما تم من نتائج، وصولا إلى تحقيق أقصى طموحات شعب عانى عقوداً طويلة من العدوان والتدمير والدمار والقتل والتشريد، والتأكيد على أن زمن التهجير أصبح جزءًا من التاريخ، من خلال رسائل فلسطينية وحدوية للمحتل، بأن مشروع التهجير القصري الصهيوني دخل مراحل الفشل، يضاف إلى ذلك وجود تحدي كبير في أعقاب القرارات الإسرائيلية التي تمهد لضم الضفة الغربية.
ونعيد التأكيد على محورية الاتفاق بين الفصائل الفلسطينية للترتيب لعقد حوار وطني شامل لحماية المشروع الوطني واستعادة الوحدة الوطنية، وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، مسألة مهمة جدا، خصوصاً في ضوء ما تم الانتهاء إليه، في اجتماع القاهرة من نقاط رئيسية.
وما لفت النظر تأكيد الفصائل على دعم ومواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، ورفع الحصار المفروض عليه بشكل كامل، وفتح جميع المعابر بما فيها معبر رفح، وإدخال الاحتياجات الإنسانية والصحية كافة، وبدء عملية إعمار شاملة تعيد الحياة الطبيعية للقطاع وتنهي معاناة المواطنين.
ومن النقاط المهمة، تسليم إدارة قطاع غزة إلى لجنة فلسطينية مؤقتة من أبناء القطاع تتشكل من المستقلين "التكنوقراط"، تتولى تسيير شؤون الحياة والخدمات الأساسية بتعاون عربي ودولي، مع لجنة دولية تشرف على تمويل وتنفيذ إعادة إعمار القطاع، والعمل جدياً على إنهاء كافة أشكال التعذيب والانتهاكات بحق الأسرى في سجون الاحتلال، وإلزام إسرائيل بالقوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة، وضمان حرية المسجونين.
وستظل الأنظار تتجه لكل اجتماعات الفصائل الفلسطينية التي تجري وستجري في القاهرة وبدعوة مصرية، وبرعاية رئاسية، لبحث تطورات القضية الفلسطينية ومناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاع النار، ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونتائج قمة "شرم الشيخ للسلام 202"، مع التأكيد على وحدة النظام السياسي الفلسطيني والقرار الوطني المستقل.
---------------------------
بقلم: محمود الحضري






